تعدد صانعي القرار… بين قوة الشورى وخطر التردد في عالم الأعمال

 تعدد صانعي القرار… بين قوة الشورى وخطر التردد في عالم الأعمال

بقلم: محمد فتحى حسان مدير موارد بشرية بالمملكة العربية السعودية 

في عالم الأعمال اليوم، لم يعد القرار الإداري مجرد اجتهاد فردي، بل أصبح نتاج منظومة تشاركية تضم أكثر من مسؤول أو لجنة متخصصة. هذا التوجه يعكس تطورًا نحو الشفافية والمشاركة، لكنه يطرح سؤالًا مهمًا: هل يقود تعدد متخذي القرار إلى فعالية أكبر، أم يخلق تعقيدًا يعرقل سرعة الإنجاز؟

الفاعلية : تنوع الخبرات يعزز الجودة

تؤكد التجارب أن إشراك أكثر من طرف في صناعة القرار يمنح المؤسسات قدرة أكبر على ابتكار الحلول وتقليل المخاطر. فشركة جوجل مثلًا تبنت نموذج اللجان الاستشارية في تطوير منتجاتها، وهو ما ساعدها على جمع رؤى متعددة قبل إطلاق أي مشروع جديد، الأمر الذي عزز من فرص النجاح وخفّض من احتمالات الفشل.

التعقيد : بطء الحسم وتضارب المصالح

لكن الوجه الآخر للتعدد لا يخلو من المشكلات. فكثرة الآراء قد تؤدي إلى إطالة زمن اتخاذ القرار أو حتى تعطيله. تجربة شركة نوكيا خير دليل؛ إذ تسببت الخلافات بين لجانها القيادية في تأخر تبني نظام "أندرويد"، ما أتاح لمنافسين مثل سامسونج وأبل السيطرة على السوق بسرعة أكبر.

موقف أصحاب الأعمال

أصحاب الأعمال ينظرون لهذه الظاهرة بعين الحذر. فمن جانب، هم يدركون أن التعدد يمنح القرارات مصداقية وعدالة ويوزع المسؤولية بشكل أفضل. لكن من جانب آخر، يخشون من أن يؤدي ذلك إلى تباطؤ الاستثمارات أو إضاعة فرص السوق.

ولذلك يفضّل الكثيرون نموذجًا وسطًا: المشاورة قائمة، لكن الحسم بيد قيادة واحدة واضحة. وهو ما اتبعه جيف بيزوس في أمازون، حيث اعتمد على فرق متخصصة للتحليل والاستشارة، بينما احتفظ لنفسه بالكلمة النهائية السريعة والحاسمة.

إن تعدد صانعي القرار في الإدارة يشبه السيف ذي الحدين؛ فإذا وُجدت آليات حوكمة واضحة تحدد من يستشار ومن يحسم، فإنه يصبح مصدر قوة وإبداع. أما إذا غابت هذه الضوابط، فإنه يتحول إلى عبء يضعف المؤسسة ويجعلها رهينة التردد.

وبين الشورى والحسم، يجد أصحاب الأعمال أن التوازن هو المفتاح: مشاورة ثرية تضمن التنوع، وقيادة حاسمة تضمن سرعة التنفيذ في سوق لا يرحم المتأخرين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم